responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 244
مَضَى، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَتَمُوا عَنِ اللَّهِ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَعْرَفُ بِاللَّهِ وَأَعْلَمُ، فَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ هَجَسَ فِي أَنْفُسِهِمْ شَيْءٌ لَمْ يُظْهِرْهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَلَا أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنِيُّ إِبْلِيسَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي نَفْسِهِ: ما حكيناه قبل عَنْهُ، فَكَتَمَ ذَلِكَ عَنِ الْمَلَائِكَةِ. وَقَدْ تَضَمَّنَ آخِرُ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ عِلْمِ الْبَدِيعِ الطِّبَاقَ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ قوله:

[سورة البقرة (2) : آية 34]
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (34)
السُّجُودُ: التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الْمَيْلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ، وَأَسْجَدَ: مَيَّلَ رَأَسَهُ وَانْحَنَى، وَقَالَ الشاعر:
ترى ألا كم فِيهَا سُجَّدًا لِلْحَوَافِرِ يُرِيدُ أَنَّ الْحَوَافِرَ تَطَأُ الْأُكْمَ، فَجَعَلَ تَأَثُّرَ الْأُكْمِ لِلْحَوَافِرِ سُجُودًا مَجَازًا، وَقَالَ آخَرُ:
كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تُحَنَّفِ وَقَالَ آخَرُ:
سُجُودُ النَّصَارَى لِأَحْبَارِهَا يُرِيدُ الِانْحِنَاءَ.
إِبْلِيسُ: اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مُنِعَ الصَّرْفَ لِلْعُجْمَةِ وَالْعَلَمِيَّةِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَوَزْنُهُ فِعْلِيلُ، وَأَبْعَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْإِبْلَاسِ، وَهُوَ الْإِبْعَادُ مِنَ الْخَيْرِ، وَوَزْنُهُ عَلَى هَذَا، إِفْعِيلٌ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ الْعَرَبِيَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْأَسْمَاءِ الْأَعْجَمِيَّةِ، وَاعْتَذَرَ مَنْ قَالَ بِالِاشْتِقَاقِ فِيهِ عَنْ مَنْعِ الصَّرْفِ بِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الأسماء، وردّنا: غريض، وَإِزْمِيلٍ، وَإِخْرِيطٍ، وَإِجْفِيلٍ، وَإِعْلِيطٍ، وَإِصْلِيتٍ، وَإِحْلِيلٍ، وَإِكْلِيلٍ، وَإِحْرِيضٍ. وَقَدْ قِيلَ: شُبِّهَ بِالْأَسْمَاءِ الْأَعْجَمِيَّةِ، فَامْتَنَعَ الصَّرْفُ لِلْعَلَمِيَّةِ، وَشِبْهِ الْعُجْمَةِ، وَشِبْهُ الْعُجْمَةِ هُوَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنَ الْإِبْلَاسِ فَإِنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَصَارَ خَاصًّا بِمَنْ أَطْلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ دَلِيلٌ فِي لِسَانِهِمْ، وَهُوَ عَلَمٌ مُرْتَجَلٌ. وَقَدْ رُوِيَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْإِبْلَاسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ، وَمَا إِخَالُهُ يَصِحُّ. الْإِبَاءُ: الِامْتِنَاعُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَأَمَّا أَنْ تَقُولُوا قَدْ أَبَيْنَا ... فَشَرُّ مُوَاطِنِ الْحَسَبِ الْإِبَاءُ

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست